بقلم..عادل ابو عويشة
وسط الميدان..وقف طويلا عملاقا ،مرفوع الهامة، تسكن بين حاجبيه صرامة ، تطلعه مدي.. سكوته صدي ،رغم نظارته السوداء في هذا الوقت من الليل ، والصفارة التي لا تفارق فاه.. مع وجود الإشارات الضوئية، يفرد احدي زراعيه بقوة.تمتد حتي اخر العالم.. توقف حركة الحياة، يرفع زراعه الاخري يحركها بسرعة.. يقتفي اثرها ومض بروق.. نبض عروق،فيندفع شلال من السيارات. بحركة عصبية بطيئة استدار لليمين ، أشار بيده، أطلق صفارته ،تدافعت العربات.. سيلا منهمرا.. لا ينقطع، وبرغم تغير الإشارة إلي اللون الأحمر ، ظل واقفا كما هو ، لم يتحرك..كأنه تمثال وضع لتزيين الميدان.في الإتجاه الأخر.. أطلق قائدو السيارات ألات التنبيه.. عسي أن يسمح لهم بالمرور ، لم يأبه،هتف صوت: الإشارة! تبعه أخر.. عيل صبره: ألم يسمع؟! ألم ير؟!
قال ثالث في خنق: حاكم بأمره! أردف رابع: يكفينا شره
بحركة أخري أكثر عصبية..استدار لليسار ، نفس الزراع..الصفارة..التطلع الي المجهول ،انطلق أصحاب السيارات في تأفف واضح. بعد دقيقة.. عاد إلي الحركات العصبية… سريعة..متلاحقة..في كل الإتجاهات وصفارة طويلة متقطعة، وبجانبه وفوقه…الإشارة.. لا جدوي لها.
هذه المرة اختلط الحابل بالنابل ضرب السائقون اخماسا في اسداس، اصطدمت السيارات بعضها ببعض ،نزل ركابها ،فريق راح يعاين سيارته ،فريق أخر يطمئن علي ذويه ،فريق ثالث اتجه الي عسكري المرور وسط الميدان ،كان لايزال يدور حول نفسه ،ثم..سقط علي الارض،وبجانبه الصفارة والنظارة السوداء عندما مدو له ايديهم.. لم يستجب ،جذبوه ،أجلسوه ، حاولوا معاتبته لكن العتاب ذاب في دهشتهم…. فقد كان كفيفا!!!!!