بيت المساجيرى

بقلم الكاتب / محمد عبد اللطيف حمدان
بيت المساجيري
—————
السويس مدينه قديمه عريقه تختلف في نشأتها عن بورسعيد والاسماعيليه .. فبينما كانت نشأة بورسعيد والاسماعيليه نتيجه لحفر قناه السويس الا ان مدينتنا الغاليه الابيه العريقه ( السويس ) كانت الميناء الوحيد في مصر عند الطرف الشمالي للخليج الذى سمي باسمها واذا كانت العماره والحياه قد بعثت في المنطقه نتيجه حفر قناه السويس .. فان من اسباب عماريه مدينه السويس وتطورها ونموها الحضارى يعود لارتباطها بسائر اجزاء الدوله المصريه ويصف علي مبارك السويس في كتابه ( الخطط التوفيقيه ) بعد وصول ماء النيل اليها بانها كانت ( عروس البحر الاحمر ) خاصه بعد ان شيد فيها العديد من الدور الفخمه والمباني التاريخيه مثل منزل محمد علي باشا الذى بني علي الطراز الاسلامي عام 1811 والمساجيرى مارتيم الذى بني علي الطراز الاسلامي عام 1870 وقصر شحاته باشا سليم الذى بني علي الطراز الاوربي عام 1912 وفيلات هيئه قناه السويس ببورتوفيق التي كانت قد بنيت علي الطراز الاوربي عام 1922 وقسم شرطه الاربعين الذى بني علي الطراز القومي عام 1921 والكنيسه اللاتينيه بشارع سعد زغلول والتي كانت قد بنيت علي الطراز الاوربي عام 1840 والكنيسه الايطاليه بشارع سعد زغلول والتي بنيت علي الطراز الاوربي عام 1870 والكنيسه الانجليه بشارع الجيش التي كانت قد بنيت علي طراز اوربا المسيحي عام 1910 ..
والحقيقيه ان النطور العمراني الحضارى قد ازداد بصوره مطرده عقب وصول مياه النيل الي السويس وكان وصول ترعه الاسماعيليه لاطراف المدينه من اهم العوامل التي ساعدت علي التطور والنمو العمراني .
ومبني ( مساجيرى ماريتم ) المعروف باسم ( بيت المساجيرى ) الذى بصدد الحديث عنه في السطور التاليه هو مبني من أقدم المباني الأثرية التاريخيه القديمه ليس في السويس فحسب بل في كل محافظات منطقه القناة حيث تم بنائه منذ ما يقرب من 205 سنه ميلاديه وتذكر كتب التاريخ ان مستر توماس واجورن رئيس شركة ( الهند الشرقيه ) قد اتخذه من مبني ( المساجيرى ) عام 1823 مقرا ومسكنا دائما لشركته ولموظفيه ممن يقومون علي تشغيل الخط الملاحي المنتظم بين انجلترا والمستعمرات البريطانية في الهند عن طريق مصر والبحر الاحمر حيث يستقل مسافري البواخر من انجلترا الي مالطه فالاسكنديه ومنها ينتقلون في ترعه المحموديه الي القاهره ثم يقطعون الطريق الصحراوى في عربات تجرها الخيول الي السويس حيث يستقلون السفن الي بمباى في الهند وكانت الرحله تستغرق اربعين يوما وكانت شركه ( الهند الشرقيه ) وصاجبها الضابط الانجليزى توماس واجورن قد شيدت مقرا لها في القاهره واخر في السويس عرف بـــ ( منزل المساجيرى ) حيث اعد لنزول المسافرين فيه قبل السفر بالبواخر .
وعقب ابرم محمد سعيد باشا والي مصر في عام 1861 عقدا مع احد الشركات الفرنسيه الكبرى والتي كانت تسمي ( اخوان ديسو ) من اجل انشاء حوض لاصلاح السفن القادمه من مواني المستعمرات الفرنسيه في الهند الصينيه المعروفه بـــــ ( كرشانشين ) قامت شركه ( اخوان ديسو ) باتاجير ( بيت المساحيرى ) واعطائه لوكيلها ومقاولها ( شركه المساجيريه الفرنسيه ) فاتخذ الاخير البيت مقرا لنشاطه … والجدير بالذكر ان ( شركه المساجيريه الفرنسيه ) هى المقاول الذى اشرف علي بناء اول حوض اصلاح سفن في الشرق الاوسط المعروف حاليا بـــاسم ( حوض الخديويه ) ببورتوفيق وهو الحوض الذى كان قد تم بنائه عام 1865 وكان طوله وقت استلامه من المقاول حوالي مائه وعشرون مترا وعمقه 8 امتار وعرضه حوالي خمسه وعشرين مترا وحسب الاتفاق بلغت تكاليف الانشاء الكليه حوالي 5 مليون و400 الف فرنك .. الجدير بالذكر ان شركه قناه السويس قد عهدت الي شركه ( ديسو اخوان ) بعد ذلك انشاء حاجزى الامواج الشهيرين في ميناء بورسعيد .
وعقب افتتاح القناة فى 1869 قامت شركة قناه السويس العالميه الفرنسية بتجهيز مبني المساجيرى بالمعدات الملاحيه اللازمه ليكون مركزًا للتحكم في حركة مرور السفن التجارية العابره للقناه من المدخل الجنوبى ويحكي ان مبني المساجيرى المعروق بــ ( بيت المساجيرى ) قد شهد تواجد عدد من المرشدين الملاحيين المشرفىن علي حركة السفن واستمر العمل فيه الي ما بعد افتتاح القناة باكثر من 30 سنة قامت شركه قناة السويس العالميه بعد ذلك بإنشاء عدد من الاستراحات الجديدة للمرشدين وكبار المديرين الملاحيين عند المدخل الجنوبي للقناه ببورتوفيق وبجوار مبنى الأشغال القديم ومنذ ذلك الوقت تم هجر مبانى ( بيت المساجيرى ) وأصبح المبني بمرور الزمن اثرا مهملًا في حاجه الي تطوير واعاده اصلاح .