إنّ صلاة القيام هي أحد السنن التي مدح الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فاعليها، فهي من أفضل الأعمال بعد الفرائض التي تقرّب إلى الله تعالى، فكان قيام الليل من أولى الأمور التي حثّ عليه الصلاة والسلام على فعلها عند دخوله إلى المدينة المنورة، إذ قال عليه الصلاة والسلام:”أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ”.
طريقة أداء صلاة القيام
فأمّا عن كيفية قيام الليل فقد كان صلى الله عليه وسلم يصلّيها ركعتين ركعتين ويسلّم بعد كلّ منها، وكان يصلي في كلّ ليلةٍ كما أخبرت أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنّه لم يزد عليه الصلاة والسلام عن أحد عشر ركعة، ولكن هذا لا يعني عدم جواز الزيادة عن ذلك، وقد كان يصلي عليه الصلاة والسلام أربع ركعاتٍ يستريح بعدها ومن ثمّ أربعاً آخرين وثلاثاً في النهاية، وأمّا كما أخبرت عائشة رضي الله عنها فقد كان يطيل في هذه الركعات ويحسن الصلاة فيهن.
وأمّا أفضل الوقت لأداء صلاة القيام فهو في الثلث الأخير من الليل قبل أذان الفجر، إذ إنّ هذا الوقت هو الوقت الذي يتجلى فيه الله تعالى إلى السماء الدنيا بحسب ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم، فيقول الله تعالى: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟، فالأفضل لمن كان يستطيع القيام في الثلث الأخير أن يصلي في ذاك الوقت، وأمّا من لم يكن باستطاعته ذلك فبإمكانه أن يصلي القيام والوتر قبل أن ينام.
فضل قيام الليل
وأمّا فضل قيام الليل فهو عظيم، فذكر الله تعالى في القرآن الكريم أنّ قيام الليل أحد أسباب دخول المسلم إلى الجنة في عددٍ من المواضع، فقال تعالى:”تتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ، فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”، وفي قيام الليل أيضاً شكرٌ لله تعالى على نعمه، فعندما يستغني الإنسان عن النوم والذي هو أحبّ إلى نفسه من العديد من النعم الأخرى ليستيقظ وحيداً في ظلمة وبرد الليل ليصلي لله تعالى فإنّه لن يقوم بذلك إلّا من يريد شكر الله ويطمع في رحمته، ولا أرحم ولا أكرم من الله تعالى ليجازي الإنسان خيراً على قيامه بهذا.
كما أنّ قيام الليل لا رياء فيه كباقي الأمور، فلا يمكن لشخصٍ أن يقوم الليل إلّا لوجهه تعالى، فلا أحد يراك غيره، ولهذا فإنّ في القيام تقرباً كبيراً وخشوعاً لله تعالى، وكما أنّ بإمكان من يقوم الليل أن يستغلّ الوقت الذي يتجلّى فيه الله تعالى إلى السماء الدنيا، والذي هو أحد أوقات إجابة الدعاء.