بقلم الأديب / عادل ابو عويشة
القادم من جانب الطريق يتوقف عند المنحنى يستدنيه هذا المشهد،رجل يحبو على قبضتيه و ركبتيه بادى التعب، في صباح عار، تمر به عربات الغجر تلقى بالنهار على قارعة الطريق، يتدثر بعباءة الشمس يخفى وجهه بين ذراعيه، يستلم العالم بقفاه، يتقوس ظهره، تنحسر عنه العباءة، تكشف عن جرح غائر يمتد لزمن الطوفان، تنبعث منه صرخات مسحوقة تستقطب المارة، يتحلقون، يرفع صواني اذنيه تتقاطر فيهما علامات الاستفهام، لا يستطيع الاجابة، يجلس مستندا الى يسراه، يشير بيمينه يطلب شربة ماء،يغيثوه ، ينهض و يسترد انفاسه.
يومئ برأسه شاكرا و مودعا. تلتقط قدماو الطريق، يبدأ رحلته اليومية عبر بوابات المستحيل، يهادن عاصفة عذراء و سحابة بيضاء، يصارع ضوء النهار، يمضى معصوب العينين يلتف به الطريق، يعود من حيث أتى يدور و يدور فى دائرة محكمة لا تلبث ان تتكاثر، تلتف ببعضها دوائر متقاطعة لا يزال يدور فيها، يترنح، يتشبث بخيوط النهار، يجذبها، يتوكا عليها، يسقط ينكشف الجرح، يطفو فوقه القربان الاول، الدم الاول، و الغراب في صمت يوارى السوءة، يرقد مهموما، يمدد ساقيه و بجانبه العكاز.