كتب الشاعر محمود جمعة..
فى إطار فعاليات صالون الجمعة الثقافي أقيمت ندوة يوم الجمعة 30 مارس 2018 و التى تضمنت جزئين كان أولهما دراسة حول توظيف التراث فى الأدب قدمها الاستاذ صلاح نجم و الثانى مناقشة رواية ماذا يبقى بعد للكاتبة الصاعدة حلا البحيرى و شارك فى المناقشة الناقد أ.السيد ياسين وأ. صلاح نجم وأ. محمود جمعة و قد أضاف للمناقشة مشاركة الدكتور صالح السيد و بعض من السادة الحضور الفنان علاء رمزى و الشاعر علاء الدين ..
وأثنى الجميع على الكاتبة حلا البحيرى هذه الروائية الصاعدة بقوة و التى امتلكت جرأة و شجاعة نشر روايتها الأولى فى سن الرابعة عشر و التى يتضح منها امتلاكها لموهبة صاعدة تنبأ الجميع لها بمستقبل واعد فى مجال كتابة الرواية ..
و رواية ماذا يبقى بعد بما فيها من الكثير من الحوار و اختفاء السرد كتبتها حلا البحيرى بلغتها الخاصة و المعاصرة لجيلها و بلغة عامية سهلة امتلكت فيها سلاسة الحوار و بساطة الحكاية و صدرت كل فصل برؤيتها الخاصة عن الأحداث و قد أشار الاستاذ السيد ياسين إلى استخدامها للغة العامية من تضمين بعض الكلمات باللغة الانجليزية فكانت بعض الحوارات تمزج ما بين العامية و اللغة الانجليزية بما يتفق و لغة الحوار الآنى بين جيلها و أضاف أنها حوارات تعبر عن الكاتبة و خصوصيتها .. و قال محمود جمعة أن الرواية اكتست بالحوار فقط فخرجت فى شكل حوارات يومية تخلو من الوصف و السرد و وصف الشخصيات و الأماكن و أشار إلى أن بغة الحوار اتسمت بالواقعية حيث أنها نفس اللغة المستخدمة الآن بين أفراد جيلها و أشاد بقدرتها على كتابة الحوار بشكل سلس يخلو من الحشو و يأخذك معك إلى النهاية دون أن تشعر بالملل و الرتابة و علق على حبكة الحكاية التى ستمتلك الكاتبة القدرة عليها بالاستمرار فى الكتابة ..
و أشار الدكتور صالح السيد إلى أن الرواية عادة ما تحتوى على السرد و الحوار لكن هذا ليس بضرورة فى كتابة الرواية فقد تكتب الرواية فى شكل سرد خالص كما فى رواية النداهة على سبيل المثال و العكس صحيح فقد تكتب الرواية فى شكل حوار خالص ، كما أشار إلى أن هناك من الروائيات التى بدأت النشر فى سن صغير – بغض النظر عن القيمة الأدبية – مثل الروائية الفرنسية فرانسواز ساغان التى نشرت روايتها (صباح الخير أيها الحزن ) عام 1954 و هى فى سن الثامنة عشر والتي يقال أنها كتبتها في إثنين وثلاثين يوما فقط ، و أثنى على شجاعة حلا فى كتابة رواية فى هذه المرحلة السنية ..
و قد قدم الاستاذ صلاح نجم قراءة مختصرة و مكثفة للرواية قال فيها :
لو تصورنا وجود متصل كمى للنقد يقع على يمينه إخضاع النص للقواعد التى تحكم جنسه و على يساره الأخذ بمبدأ أن النص يستدعى تفسيره و فى المنتصف إعمال مبدأ جدل القواعد و التفسير، هنا و مع الكتابات الشابة ، و القلام الجديدة، فأنا أفضل ترك الفرصة للنص يستدعى تفسيره بنفسه بعيدا عن صخب النظريات ، و تعسف القواعد ذلك أن هذا الصنف من الإبداع غالبا ما يكون بحاجة لمن يكتشفه أكثر من حاجته لمن يخضعه لمشرط النقد.
و النص الذى بين أيدينا لروائية شابة تخطو أولى خطواتها فى مشوار السرد الروائي الطويل الذى يحتاج قطعا لكثير من الوقت و كثير من الجهد و الدأب و المثابرة كى تمسك بأرداف مغامرة الإبداع و هذا شأن كل المبدعين ممن سبقوها على ذات الدرب، إنه مشوار طويل أظنها بدأته بالفعل و لا أخفى أننى و منذ اللحظة الأولى قد أدركت أنى أمام كتابة جديدة ، و لغة جديدة ، و الجديد دائما يثير الفضول و تكثر حوله الأسئلة ، قد نختلف معه أو حوله لكننا أبدا لا نرفضه فالتجديد سُنة الفن كما هو سُنة الحياة فكم من سجال احتدم حول التجديد و المجددين فى كل مناحى الإبداع هل يبقى المزيد هى الرواية الأولى للكاتبة حلا البحيرى تقدم فيها نفسها عبر لغة عامية جديدة شديدة المعاصرة تتصف ببساطة اليومي و عفوية التلقائي و انسيابية التداولي، و عبر شكل أشبه باليوميات أو وريقات نتيجة الحائط، تُسقط حلا منها ماتشاء لتعلن لقارئها أن يوما ذهب و أن آخر يجيء محملا بالمزيد من الذي تسائل عنه و تصطفيه عنوانا لروياتها البكر، و مابين ورقة و أخرى تختصر لنا حلا المشهد فى عبارة فصيحة تحمل الحكمة برائحة الفضاء الرقمي و لغته ، و يبدو أن رغبة الابتكار قد بلغت عندها مبلغها فتطعم فقرات روايتها بحروف و كلمات لاتينية ، و تغير أماكن عتبات نصها فما عهدناه يأتى فى المفتتح جعلته رغبة التجديد الملحة فى النهايات ، إنه هاجس التميز و الرغبة فيه، بنعومة منقطعة النظير تسحبنا نحو المجهول و رويدا رويدا تأخذنا إلى عالم من صنعها له منطقه الخاص حيث لا نعرف أين نحن و تتكرر مفردات المكان اليومية: الحجرة و المطعم و البحر و السيارة و جميعها لم يأخذ ما يستحقه من الوصف ، كما تتكرر مفردات اآيس كريم و النسكافيه و الشاور و تحيات الصباح و المساء و مداعبات العشاق البريئة فى تصنع عالما خاصا خالصا أو تحاول و تزينه بطريقتها و تثير فى روائعنا الأسئلة عما إذا كانت دينا بطلة روايتها قلقة أم بائسة أم نادمة تشعر بالفقدو الحنين لغياب أحمد و ارتباطه بأخرى ، أم ساعية هى إلى الحرية و الإنطلاق؟
بداية طيبة أمتعتنى حقا ..