بقلم ..انور فتح الباب
ولعل اجادته للمصارعة قد أثرت في وجدانه وشخصيته المقاومة بالوعي بفكرة اساسية في عالم الرياضة وهي أنه لامهزوم نهائي ولامنتصر للأبد ، وأن منتصر اليوم هو مهزوم الغد والعكس صحيح ، وقد كان هذا الجانب مما استلفت نظري في استقباله لأحداث كبيره كانت تخلع قلوبنا نحن الشبان المتحمسين الغاضبين كغزو لبنان عام 1982م والعدوان الأمريكي وغزو العراق في 2003م وحتي في صعود ثورة يناير وانتكاساتها كان يقابل الأمور ببرود عقلي متأمل لاأشك انبعث في اداركه للقانون الجدلي للنصر والهزيمة عبر خبرته الرياضية وعبر خبرة المقاومة في فترة مابعد هزيمة 1967 ومرحلة حرب الاستنزاف.
وهناك عنصر آخر أظنه كان عنصرا حاكما في تكوين المقاوم عند غزالي وهو نشأته في مدينة السويس تلك المدينة المقاومة التي احسبها واحدة من أقدم مدن مصر التي يضرب تاريخها في عمق التاريخ المصري حتي الأسرة الخامسة الفرعونية حيث كانت تلعب دور قلعة الحماية لقوافل التجارة القادمة من الشام أو المتجهه لبلاد “بونت ” واستكملت دورها في عصر الرومان وتجارتهم المتجهه لليمن والهند والحبشة وفي عصر المماليك لحماية شواطيء الحجاز من هجمات الصليبيين .ولعلك تستطيع ان تدرك هذا النزوع المقاوم للسويس نتيجة لقسوة ظروفها الجغرافية والمناخية وصعوبة أسباب الحياة في كتابات الرحالة والمؤرخين في مختلف عصور مصر فياقوت الحموي يصفها في معجم البلدان انها” بلدة يابسة جافة لازرع فيها ولاماء ” أما الرحالة الفرنسي بارتيملي سانت هيلار الذي زارها في القرن 19فيقول عنها إنها “مدينة تقاوم الفناء” ، فهي مدينة ذات موارد مائية منعدمة تنقل لها المياة اما من الطور في العصر الإسلامي او من بئر عجرود علي مقربة منها . شريطها الزراعي محدود ظهيرها الصحراوي واسع بحرها صعب المراس فإما أن تتعامل مع الصحراء بجهامتها وقسوتها او مع البحر بعواصفه ورياحه ورزقه العنيد ، ومع تطور الزمن وبعد حفرقناة السويس وإنشاء شركات البترول والأسمدة اصبحت مدينة جذب لسكان مناطق فقيرة معظمهم من الصعيد والوجه البحري فأصبح السكان بقوتهم وتقشف حياتهم وقدرتهم علي صنع الحياة واستنبات الأرض عنصرا آخر من عناصر الصلابة والمقاومة لصنع الحياة ولعل خير من عبر عن قدرتهم تلك عبد الرحمن الأبنودي في ديوانه ” وجوه علي الشط ” ..فكيف ينشأ الإنسان في وسط كهذا ولايكون مقاوما .